قبلت المحكمة الدستورية لجنوب افريقيا طلب ثلاث وعشرين عائلة من مجمع ليستلينغ (Lesetlheng) الاستئناف في قضية الإخلاء القصري من أراضيهم جراء أشغال التعدين، مؤكدين أن أجدادهم قد اشتروا هذه الأراضي قبل قرن من الزمن، ولكن قوانين التمييز العنصري منعتهم من امتلاكها. وقضت المحكمة أن مساعي شركات التعدين للتشاور مع أصحاب حقوق الأراضي غير الرسمية والتفاوض معهم والتماس موافقتهم بما يقتضيه القانون قد بائت بالفشل.
وينتمي المجمع الفرعي لقرية ليستلينغ إلى مجمع باكغاتلا -با-كغافيلا(Bakgatla-Ba-Kgafela) الأكبر. وقد اشترى أجداد مجمع ليستلينغ المزرعة المعنية بالأمر سنة 1919، غير أن قوانين التمييز العنصري منعتهم من نقل ملكية المزرعة إليهم، فكتب في عقد الملكية أن أرض المزرعة هذه هي تحت وصاية الدولة باسم مجمع باكغاتلا -با-كغافيلا.
وبعد زوال الفصل العنصري (أبارتايد) عملت المصالح الدستورية بجنوب افريقيا على تدارك العواقب الناجمة عن قوانين التمييز العنصري. حيث تنص المادة 25 (6) من الدستور على ما يلي: "يحق لكل شخص أو مجموعة يملك أرضا بطريقة غير رسمية جراء قوانين وممارسات التمييز العنصري السابقة الحق في حيازتها بطريقة آمنة أو الاستفادة من تعويض بصفة قانونية". ويحدد قانون الحماية المؤقتة لحقوق الأراضي غير الرسمية لعام 1996، والمنفذ لهذا هذا الحكم الدستوري، مجمل القوانين المتعلقة بحقوق الأراضي غير الرسمية. وينص في المادة 2 على أنه "لا يجوز منع أي شخص من الاستفادة من قانون حقوق الأرض غير الرسمية بدون موافقة الشخص نفسه". ويسمح قانون تطوير الموارد المعدنية والبترولية لحكومة جنوب افريقيا في التحكم في جميع الموارد المعدنية والبترولية واعتبارها السلطة الوحيدة المسؤولة عن منح حق التعدين. كما يلزم قانون تطوير الموارد المعدنية والبترولية أصحاب حقوق التعدين التشاور مع الأهالي المالكة لحقوق الأراضي غير الرسمية قبل الشروع في أنشطة التعدين.
قضت المحكمة بالإجماع على أنه لم يتم استوفاء شروط المادة 2 من قانون الحماية المؤقتة لحقوق الأراضي غير الرسمية بالرغم من نجاح اجتماع التسوية مع أهالي مجمع باكغاتلا -با-كغافيلا والاتفاق على إتمام عقد الإيجار. غير أن هذا الاجتماع قد تم بحضور الأجهزة الإدارية للمجمع بدلا من المالكين الفعليين لحقوق الأراضي غير الرسمية الذين لم يحضوا بأي فرصة حقيقة للتفاوض. كما قضت المحكمة أن المادة 54 من قانون تطوير الموارد المعدنية والبترولية قد وازنت بين مصالح الأهالي وشركات التعدين، وبالتالي فإن صيغة المادة 54 الزامية. لذلك وقبل عرض الدعوى على المحكمة ينبغي استنفاد سبل الانتصاف المنصوص عليها في المادة 54 والمتمثلة في التفاوض بوساطة الدولة مع الأهالي قبل بدء الأشغال. لم تمتثل شركات التعدين أمام المحكمة مما أدى إلى حرمان المتقدمين من ممارسة حقوقهم غير الرسمية على الأراضي بسبب انتهاك قانون الحماية المؤقتة لحقوق الأراضي غير الرسمية وعدم اتباع قانون تطوير الموارد المعدنية والبترولية.
قبلت المحكمة طلب الاستئناف من قبل الأهالي وألغت أمر الترحيل.
يحمي هذا القرار حقوق الأراضي غير الرسمية لأهالي مجمع ليستلينغ ويلزم شركات التعدين بطلب موافقة الأهالي والتفاوض معهم حول التعويضات وطريقة ترحيلهم قبل الشروع في أشغال التعدين.
ويدعم الحكم أيضا الاقتراح الذي يقضي بضرورة اجتماع شركات التعدين والهيئات الحكومية بشكل مباشر مع السكان المتضررين وبحضور زعمائهم الأصليين وليس بواسطة عملاء افتراضيين. |