اللجنة الأفريقية لحقوق الأطفال تُخضع موريتانيا للمساءلة عن استرقاق الأطفال
المجموعة الدولية لحقوق الأقليات ومنظمة مكافحة الاسترقاق SOS-Esclaves بالنيابة عن سعيد ولد سالم ويرغ ولد سالم ضد حكومة جمهورية موريتانيا، قرار رقم
ولّد سعيد ولد سالم وأخوه الأصغر يرغ ولد سالم لأم من الحراطين وهم جزء من طبقة الرقيق السابقة في موريتانيا. على الرغم من أن القانون يجرّم العبودية الآن، إلا ان هذه الممارسة لا تزال واسعة الانتشار. وقد استعبدت أسرة الحصين الأخوين منذ ولادتهما، حيث عمل الطفلان سبعة أيام في الأسبوع بلا راحة، بما في ذلك أيام الجمعة. وكانا
يتعرضان للعقاب الجسدي بانتظام ولم يكن يُشار إليهما سوى بلقب "العبدين". ولم يلتحق أي منهما بالمدرسة ولم يتعلما القرآن أيضًا. هرب الأخوان في عام 2011.
رفعت المجموعة الدولية لحقوق الأقليات ومنظمة مكافحة الاسترقاق SOS-Esclaves بالنيابة عن سعيد ولد سالم ويرغ ولد سالم هذه القضية أمام لجنة الخبراء الأفريقية المعنية بحقوق الطفل ورفاهه (اللجنة) في 15 كانون الأول/ديسمبر 2015. زعم المدّعون أن جمهوية موريتانيا انتهكت المواد 1 (التزامات الدول الأطراف)، و3 (عدم التمييز)، و4 (مصالح الطفل الفضلى)، و5 (البقاء والتنمية)، و11 (التعليم)، و12
(الراحة والترفيه والأنشطة الثقافية)، و15 (عمالة الأطفال)، و16 (الحماية من الاعتداء على الطفل وتعذيبه)، و29 (منع بيع الأطفال والإتجار بهم واختطافهم) من الميثاق الأفريقي لحقوق الطفل ورفاهه (الميثاق). رأت اللجنة أن هذه القضية مقبولة بسبب التأخير غير المبرر في الاجراءات الجنائية والافتقار إلى سبل الانتصاف الفعّالة والكافية، من جملة عوامل أخرى.
أصدرت اللجنة قرارها في 15 كانون الأول/ديسمبر 2017، فوجدت أنه على الرغم من أن موريتانيا لديها تشريع يجرّم العبودية، إلا أن الدولة لم تنفذ التشريعات في كل كياناتها، وأن التشريع بحد ذاته لا يوفر الحماية الكافية من العبودية في الممارسة العملية. وقد أصدرت اللجنة حكمًا في موافقة شبه كاملة مع أصحاب الشكوى خلصت فيه إلى أن موريتانيا انتهكت إلتزاماتها المنصوص عليها في المواد 1، و3، و4، و5،
و11، و12، و15، و16، و21.
تجدر الإشارة إلى أن اللجنة شددت على ترابط جميع الحقوق وتكاملها (المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية).
أصدرت اللجنة عدة توصيات، دعت فيها موريتانيا إلى اتخاذ جملة من التدابير من بينها:
- اخضاع جميع أفراد عائلة الحصين للملاحقة القضائية على نحو سليم وإصدار الأحكام بحقهم
- وضمان حصول الأخوين وغيرهما من الضحايا على سبل الانتصاف الكافية في شكل أوراق الهوية اللازمة والالتحاق بالمدارس، والدعم النفسي والتعويض؛
- الحرص على تعاون كل هيئات الدولة والمجتمع المدني وغير ذلك من أصحاب المصلحة في التصدي للعبودية أو الممارسات الشبيهة بالاسترقاق واعتبارها مسألة ذات أولوية.
ينطوي هذا القرار التاريخي على إمكانية إحداث تغيير إيجابي لصالح سعيد ويرغ فضلًا عن آلاف الأطفال الآخرين من ضحايا العبودية في موريتانيا.
يتسم قرار اللجنة بأهمية خاصة إذ يؤكد أن المسؤولية في توفير الحماية القانونية لا تقع على عاتق الدولة وحدها. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الدول ضمان التنفيذ الفعّال للقوانين التي تحمي حقوق الإنسان.
يوضّح قرار اللجنة قضايا التمييز المتعدد الأشكال أو الجوانب.على الرغم من أن القرار لا يعالج موضوع تعددية الجوانب، إلا أن الحكم يسلط الضوء على تزايد حدة التمييز وممارسته بطريقة فريدة بسبب عوامل متداخلة من بينها الفقر والعمر والعرق (ينتمي الطفلان إلى جماعة الحراطين العرقية التيكان أفرادها من ضحايا العبودية في موريتانيا على مرّ التاريخ). تمثل هذه القضية، لا سيما بالنظر إلى العلاجات
الهيكلية التي توفرها، خطوة حاسمة نحو القضاء على الممارسة السائدة لعبودية الأطفال في موريتانيا، ونأمل أن تسري أيضًا في الولايات القضائية.
نوّد توجيه شكر خاص إلى أعضاء الشبكة العالمية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ما قدموه من إسهامات: معهد دولا عمر، والمجموعة الدولية لحقوق الأقليات، وبرنامج حقوق الإنسان والاقتصاد العالمي في جامعة نورث إيسترن.
آخر تحديث في 30 تموز/يوليو 2018
المزيد
زور قاعدة بيانات السوابق القضائية للمزيد من المعلومات عن ملخص القضية، والحكم، ووثائق أخرى مرتبطة بالقضية.
|