اعترضت هذه القضية على التباين في جودة التعليم الذي توفره المؤسسات التعليمية الخاصة والمدارس التي تتلقى مساعدات حكومية في أوغندا. يرجع هذا التباين جزئيًا إلى سياسة التمويل التي تعتمدها الحكومة حيث تتلقى المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص مبالغ مالية أقل عن كل طالب مقارنة بالمدارس التي تدعمها الحكومة. رفعت مبادرة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هذه القضية على الحكومة مدعيةً أن سياسة التمويل تنتهك الحق في التعليم الجيد والمساواة والتحرر من التمييز الذي يكفله الدستور. قبلت المحكمة العليا في أوغندا القضية. عقب تقديم حكومة أوغندا برنامج التعليم الثانوي للجميع في عام 2007، طُبق هذا البرنامج لاحقًا في المدارس الرسمية والمدارس التي تتلقى منحًا حكومية والمدارس الخاصة التي تتوخى الربح القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمدارس غير الربحية القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. دفعت الحكومة 47 ألف شلن أوغندي لكل طالب ملتحق في المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص مقابل 230 ألف شلن أوغندي لكل طالب ملتحق في المدارس الرسمية والمدارس التي تتلقى مساعدات من الحكومة. أثرت نتيجة التباين في التمويل على جودة التعليم في المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وعلى قدرة الطلاب على الحصول على تعليم مساوٍ للتعليم الذي توفره المدارس الرسمية وتلك التي تتلقى المنح الحكومية. أجرت مبادرة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية قبل رفع القضية بحثًا بيّن أن المدارس الخاصة التي تطبق برنامج التعليم الثانوي للجميع تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية مثل المكتبات، والعدد الكافي من الفصول الدراسية والحمامات والمختبرات والملاعب الرياضية. علاوة على ذلك، كانت حجة مبادرة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية أنه لما كان المبلغ المخصص لكل طالب يقصد المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا يتجاوز 47 ألف شلن أوغندي، فقد تعذّر على هذه المدارس توظيف المدرسين المؤهلين، ما أدى إلى ارتفاع معدلات التنقل، وفصول دراسية كبيرة الحجم، وانخفاض معدلات أداء الطلاب. كما سلط البحث أيضًا الضوء على مشاكل الانتهاك وسوء استخدام عدد من المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص للتمويل غير الكافي بالأصل الذي تقدمه الحكومة، وتقاضي رسوم غير تعليمية من الطلاب مثل رسوم الفحص والمختبر والتطوير، من جملة رسوم أخرى، وهذا منافٍ لهدف برنامج التعليم الثانوي للجميع والغرض منه، لا سيما مذكرة التفاهم الموقعة بين وزارة التربية والرياضة والشراكات بين القطاعين العام والخاص والمبادئ التوجيهية للسياسة العامة. راعت المحكمة في تحليلها الدستور الأوغندي، إلى جانب جملة من الصكوك، من بينها العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، واتفاقية حقوق الطفل، اللتين وقعت عليهما أوغندا وصدقتهما. سلطت المحكمة الضوء على التزام أوغندا بحماية الحق في التعليم من الانتهاكات، لا سيما في ما خص كيفية تقاطعه مع قطاع الأعمال التجارية. أشارت المحكمة إلى التعليق العام رقم 16 الصادر عن لجنة حقوق الطفل الذي جاء فيه أنه "يجب على الدول اتخاذ كل التدابير الضرورية والملائمة والمعقولة لمنع المؤسسات التجارية من التسبب أو الإسهام في انتهاك حقوق الطفل. وجدت المحكمة عند تطبيق واجبات الحكومة بموجب القانونين الوطني والدولي، أنه كان على الحكومة أن تستمر في مراقبة تنفيذ برنامج التعليم الثانوي للجميع في المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص. ويفرض هذا الالتزام على الحكومة اتخاذ تدابير إيجابية تشمل تنظيم الجهات الفاعلة من غير الدول ومراقبتها؛ وضمان التنفيذ الفعّال للتشريعات والبرامج ذات الصلة، وتوفير سبل الانتصاف لهذا النوع من الانتهاكات. وعلى هذا النحو، ذكرت المحكمة أن ليس في الاتفاق المبرم بين الحكومة والجهات الفاعلة ما يمكن أن يلغي إلتزام الحكومة بتنظيم الجهات الفاعلة وحماية الحق الدستوري في التعليم على النحو المكفول. ورأت المحكمة أن الحكومة تقاعست عن الوفاء بالتزاماتها بمراقبة المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتنظيمها، ما أدى إلى وقوع انتهاكات للحق في التعليم بموجب المادتين 30 و34 (2) من الدستور الأوغندي. علاوة على ذلك، طالت الانتهاكات الحق في المساواة وعدم التمييز بموجب المادة 21 من الدستور الأوغندي. أمرت المحكمة الحكومة "بأن تكفل في تصميم البرامج التعليمية وتنفيذها التكافؤ بين جميع الأطفال". كما أمرت أيضًا الحكومة بأن تتولى زمام المبادرة في تنظيم دور الجهات الفاعلة الخاصة في التعليم وتكفل الحد الأدنى من المعايير ومعاقبة المخالفين، مسترشدةً في الوقت عينه "بتوجيهات مبادئ أبيدجان بشأن التزامات حقوق الإنسان التي تفرض على الدول توفير التعليم الرسمي وتنظيم مشاركة القطاع الخاص في التعليم في تصميم برامج التعليم في البلد." تظهر الصورة أحد أبنية الفصول الدراسية في مدرسة بورونغو سيد الثانوية في منطقة بورونغو الفرعية في مقاطعة نويا، التي شُيدت مؤخرًا في هذه المنطقة الفرعية التي لم يكن بها مدرسة ثانوية. باشرت وزارة التربية والرياضة عام 2018 الإلغاء التدريجي لبرامج التعليم الثانوي للجميع في المدارس القائمة على الشراكة بين القطاعين العام والخاص، بحيث تحوّل الأموال إلى أعمال البناء أو إلى تقديم المنح للمدارس الثانوية المجتمعية لتنفيذ السياسة الحكومية في توفير التعليم الثانوي في كل منطقة فرعية. تكتسب هذه القضية أهمية كبيرة لأسباب عدة: أولها، رأت المحكمة أن الحكومة مسؤولة عن أفعال الشركات والأفراد. وأكدت أن التزامات أوغندا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان توجب على الحكومة مراقبة الكيانات الخاصة وتنظيمها وضمان امتثالها للمعايير التعليمية الدنيا. أقرت المحكمة أيضًا أنه يجب أن لا يغيب عن بال الحكومة التي تعتمد في الوقت الراهن على القطاع الخاص في توفير التعليم، أن تعتبر هذا الأمر مجرد إجراء مؤقت، وعليها أن تسعى جاهدةً لوضع نظام التعليم الرسمي الخاص بها. وأخيرًا، على الرغم من أن الحكم كان تحديدًا عن الشراكة بين القطاعين العام والخاص في التعليم، إلا أنه يجوز تطبيق مبادئه في غير ذلك من الشراكات بين القطاعين في تقديم الخدمات. |